الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
والأحاديث الواردة في أن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد تؤكد ذلك الرأي الذي ادعينا من أن النفس شيء مغاير للبدن ولأجزائه والله أعلم بحقائق الأمور.قال أهل النظم: لما بين أنه ما أتاهم من العلم إلا القليل أراد يبين أنه لو شاء أن يأخذ منهم ذلك القليل لقدر عليه فقال: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك} قلت: في نسبة علم القرآن إلى القلة خروج من الأدب فالأولى في وجه النظم أن يقال: إنه لما كشف لهم الغطاء عن مسألة الروح، وبين أن ذلك من العلوم الإلهية التي لا نهاية لها لا من العلوم الإنسانية القليلة، وكان فيه بيان كمال علمه تعالى ونقصان علم الإنسان، أراد أن يبين غاية قدرته ونهاية ضعف الإنسان أيضًا فبين أنه قادر على ذهاب القرآن ونحوه عن الصدور والمصاحف، وسيكون ذلك في آخر الزمان كما جاء في الروايات ثم لا يجد النبي- الذي هو أكمل أنواع الإنسان- من يتوكل عليه باسترداده فضلا عن غيره {إلاَّ رحمة من ربك} استثناء متصل أي إلا أن يرحمك بربك فيرده عليك كأن رحمته تتوكل عليه بالرد، أو منقطع معناه ولكن رحمة من ربك تركته غير مذهوب به {إن فضله} بإيحاء القرآن إليك ثم إبقائه عليك أو بهذا وبسائر الخصائص والمزايا {كان عليك كبيرًا} وفيه أن نعمة القرآن وبقاءه محفوظًا في الصدور مسطورًا في الدفاتر من أجلّ النعم وأشرفها، فعلى كل ذي علم أن لا يغفل عن شكرها والقيام بمواجبها جعلنا الله ممن يراعي حق القرآن ويعمل بمقتضاه. واحتج الكعبي بالآية على أن القرآن مخلوق لن ما يمكن إزالته والذهاب به يستحيل أن يكون قديمًا، وأجيب بأن إزالة العلم عن القلوب والذهاب بالنقوش الدالة عليه في المصاحف لا يوجب حدوث الكلام النفسي الذي هو محل النزاع. ثم دل على أن الذي أوحى إليه ليس من جنس كلام المخلوقين فقال: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن} الآية. وقد مرّ وجه إعجاز القرآن في أوائل سورة البقرة. فإن قيل: هب أنه ظهر عجز الإنسان عن معارضته فكيف يعرف عجز الجن عن معارضته، ولم لا يجوز أن يقال: إن الجن أعانوه على هذا التأليف سعيًا في إضلال الخلق؟ وإخبار محمد بأنه ليس من كلام الجن يوجب الدور وليس لأحد أن يقول: إن الجن ليسوا بفصحاء، فكيف يعقل أن يكون القرآن كلامهم لأنا نقول: التحدي مع الجن إنما يحسن لو كانوا فصحاء؟ فالجواب أن عجز البشر عن معارضته يكفي في إثبات كونه معجزًا.ثم إن الصادق لذي ثبت صدقه بظهور المعجز على وفق دعواه أخبر أن الجن أيضًا عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن فسقط السؤال بالكلية. على أنه سبحانه قد أجاب عنه في آخر سورة الشعراء بقوله: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين} [الشعراء: 221] وسوف يجيء تفسيره إن شاء الله تعالى. قالت المعتزلة: التحدي بالقديم محال. وأجيب بمثل ما مر أن محل النزاع هو الكلام النفس لا الألفاظ التي يقع التحدي بها وبفصاحتها. ثم بين أنهم مع ظهور عجزهم بقوا مصرين على كفرهم فقال: {ولقد صرفنا} رددنا وكررنا {للناس في هذا القرآن من كل مثل} {من كل} معنى هو كالمثل في غرابته وحسنه وذلك كدلائل التوحيد والنبوة والمعاد وكالقصص اللائقة وغيرها من المواعظ والنصائح. {فأبى أكثر الناس} فيه معنى النفي كأنه قيل: فلم يرضوا {إلا كفورًا} وجحودًا. قال أهل البرهان: إنما لم يذكر الناس في أوائل السورة حين قال: {ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا} [الآية: 41] لتقدم ذكرهم في السورة. وذكرهم في الكهف إذا لم يجر ذكرهم وذكر الناس ههنا وإن جرى ذكرهم دفعًا للالتباس، لأن ذكر الجن أيضًا قد جرى وقدم للناس على قوله: {في هذا القرآن} كما قدمه في قوله: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن} وأما في الكهف فعكس الترتيب لأن اليهود سألته عن قصة أصحاب الكهف وغيرها. وقد أوحاها الله تعالى إليه في القرآن فكانت العناية بالقرآن أكثر فكان تقديمه أجدر. اهـ.
.قال الشوكاني في الآيات السابقة: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86)}.لما بيّن سبحانه أنه ما آتاهم من العلم إلاّ قليلًا بيّن أنه لو شاء أن يأخذ منهم هذا القليل لفعل، فقال: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بالذى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} واللام هي الموطئة، و{لنذهبن} جواب القسم سادّ مسد جواب الشرط.قال الزجاج: معناه: لو شئنا لمحوناه من القلوب ومن الكتب حتى لا يوجد له أثر. انتهى.وعبر عن القرآن بالموصول تفخيمًا لشأنه {ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ} أي: بالقرآن {عَلَيْنَا وَكِيلًا} أي: لا تجد من يتوكل علينا في ردّ شيء منه بعد أن ذهبنا به، والاستثناء بقوله: {إِلاَّ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} إن كان متصلًا فمعناه: إلاّ أن يرحمك ربك فلا نذهب به، وإن كان منقطعًا فمعناه: لكن لا يشأ ذلك رحمة من ربك، أو لكن رحمة من ربك تركته غير مذهوب به {إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا} حيث جعلك رسولًا وأنزل عليك الكتاب وصيرك سيد ولد آدم، وأعطاك المقام المحمود وغير ذلك مما أنعم به عليه.ثم احتج سبحانه على المشركين بإعجاز القرآن فقال: {قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرءان} المنزل من عند الله الموصوف بالصفات الجليلة من كمال البلاغة وحسن النظم وجزالة اللفظ {لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} أظهر في مقام الإضمار، ولم يكتف بأن يقول: لا يأتون به على أن الضمير راجع إلى المثل المذكور، لدفع توهم أن يكون له مثل معين، وللإشعار بأن المراد نفي المثل على أي صفة كان، وهو جواب قسم محذوف كما تدل عليه اللام الموطئة، وسادّ مسدّ جواب الشرط، ثم أوضح سبحانه عجزهم عن المعارضة سواء كان المتصدي لها كل واحد منهم على الانفراد، أو كان المتصدر بها المجموع بالمظاهرة فقال: {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} أي: عونًا ونصيرًا، وجواب لو محذوف، والتقدير: ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا لا يأتون بمثله، فثبت أنهم لا يأتون بمثله على كل حال، وقد تقدّم وجه إعجاز القرآن في أوائل سورة البقرة.وفي هذه الآية ردّ لما قاله الكفار: {لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هذا} [الأنفال: 31]، وإكذاب لهم.ثم بين سبحانه أن الكفار مع عجزهم عن المعارضة استمروا على كفرهم وعدم إيمانهم فقال: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ في هذا القرءان مِن كُلّ مَثَلٍ} أي: رددنا القول فيه بكلّ مثل يوجب الاعتبار من الآيات والعبر والترغيب والترهيب والأوامر والنواهي وأقاصيص الأوّلين والجنة والنار والقيامة {فأبى أَكْثَرُ الناس إِلاَّ كُفُورًا} يعني: من أهل مكة، فإنهم جحدوا وأنكروا كون القرآن كلام الله بعد قيام الحجة عليهم، واقترحوا من الآيات ما ليس لهم، وأظهر في مقام الإضمار حيث قال: {فأبى أكثر الناس} توكيدًا أو توضيحًا، ولما كان {أبى} مؤولًا بالنفي، أي: ما قبل، أو لم يرض، صح الاستثناء منه قوله: {إِلاَّ كُفُورًا}.{وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ} أي قال رؤساء مكة كعتبة وشيبة ابني ربيعة وأبي سفيان والنضر بن الحرث، ثم علقوا نفي إيمانهم بغاية طلبوها فقالوا: {حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا}.قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم: {حتى تفجر} مخففًا، مثل: تقتل.وقرأ الباقون بالتشديد، ولم يختلفوا في {فتفجر الأنهار} أنها مشدّدة، ووجه ذلك أبو حاتم بأن الأولى بعدها ينبوع وهو واحد، والثانية بعدها الأنهار وهي جمع.وأجيب عنه: بأن الينبوع وإن كان واحدًا في اللفظ فالمراد به الجمع، فإن الينبوع العيون التي لا تنضب.ويردّ بأن الينبوع: عين الماء، والجمع: الينابيع، وإنما يقال للعين ينبوع إذا كانت غزيرة من شأنها النبوع من غير انقطاع، والياء زائدة كيعبوب، من عبّ الماء.{أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ} أي: بستان تستر أشجاره أرضه.والمعنى: هب أنك لا تفجر الأنهار لأجلنا ففجرها من أجلك بأن تكون لك جنة {مّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجّرَ الأنهار} أي: تجريها بقوة {خلالها تَفْجِيرًا} أي: وسطها تفجيرًا كثيرًا {أَوْ تُسْقِطَ السماء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} قرأ مجاهد: {أو تسقط} مسندًا إلى السماء. وقرأ من عداه {أو تسقط} على الخطاب، أي: أو تسقط أنت يا محمد السماء. والكسف بفتح السين جمع كسفة.وهي قراءة نافع وابن عامر، وعاصم، والكسفة: القطعة. وقرأ الباقون: {كسفًا} بإسكان السين.قال الأخفش: من قرأ بإسكان السين جعله واحدًا ومن قرأ بفتحها جعله جمعًا.قال المهدوي: ويجوز أن يكون على قراءة الكون جمع كسفة، ويجوز أن يكون مصدرًا.قال الجوهري: الكسفة القطعة من الشيء، يقال: أعطني كسفة من ثوبك، والجمع كِسْفٌ وكِسَفٌ، ويقال: الكسف والكسفة واحد، وانتصاب {كسفًا} على الحال، والكاف في {كما زعمت} في محل نصب على أنه صفة مصدر محذوف، أي: إسقاطًا ممائلًا لما زعمت، يعنون بذلك قول الله سبحانه: {إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرض أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مّنَ السماء} [سبأ: 9].قال أبو علي: الكسف بالسكون: الشيء المقطوع، كالطحن للمطحون، واشتقاقه على ما قال أبو زيد من كسفت الثوب كسفًا: إذا قطعته.وقال الزجاج: من كسفت الشيء، إذا غطيته، كأنه قيل: أو تسقطها طبقًا علينا {أَوْ تَأْتِىَ بالله والملئكة قَبِيلًا}.اختلف المفسرون في معنى {قَبِيلًا} فقيل: معناه: معاينة، قاله قتادة وابن جريج، واختاره أبو علي الفارسي فقال: إذا حملته على المعاينة كان القبيل مصدرًا كالنكير والنذير.وقيل: معناه: كفيلًا، قاله الضحاك، وقيل: شهيدًا، قاله مقاتل، وقيل هو جمع القبيلة، أي: تأتي بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة، قاله مجاهد وعطاء، وقيل: ضمنًا، وقيل: مقابلًا كالعشير والمعاشر.{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مّن زُخْرُفٍ} أي: من ذهب، وبه قرأ ابن مسعود، وأصله: الزينة، والمزخرف: المزين، وزخارف الماء: طرائقه، وقال الزجاج: هو الزينة، فرجع إلى الأصل معنى الزخرف، وهو بعيد؛ لأنه يصير المعنى: أو يكون لك بيت من زينة {أَوْ ترقى في السماء} أي: تصعد في معارجها يقال: رقيت في السلم: إذا صعدت وارتقيت.مثله {وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيّكَ} أي: لأجل رقيك، وهو مصدر نحو: مضى يمضي مضيًا، وهوى يهوي هويًا {حَتَّى تُنَزّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَءهُ} أي: حتى تنزل علينا من السماء كتابًا يصدقك ويدل على نبوّتك نقرؤه جميعًا، أو يقرؤه كل واحد منا، وقيل: معناه: كتابًا من الله إلى كل واحد منا كما في قوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امرىء مّنْهُمْ أَن يؤتى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً} [المدثر: 52] فأمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بما يفيد التعجب من قولهم، والتنزيه للربّ سبحانه عن اقتراحاتهم القبيحة فقال: {قُلْ سبحان رَبّى} أي: تنزيهًا لله عن أن يعجز عن شيء.وقرأ أهل مكة والشام {قال سبحان ربي} يعني النبي صلى الله عليه وسلم {هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا} من البشر لا ملكًا حتى أصعد السماء {رَسُولًا} مأمورًا من الله سبحانه بإبلاغكم، فهل سمعتم أيها المقترحون لهذه الأمور أن بشرًا قدر على شيء منها؟ وإن أردتم أني أطلب ذلك من الله سبحانه حتى يظهرها على يدي، فالرسول إذا أتى بمعجزة واحدة كفاه ذلك، لأن بها يتبين صدقه، ولا ضرورة إلى طلب الزيادة، وأنا عبد مأمور ليس لي أن أتحكم على ربي بما ليس بضروري، ولا دعت إليه حاجة، ولو لزمتني الإجابة لكل متعنت لاقترح كل معاند في كل وقت اقتراحات، وطلب لنفسه إظهار آيات، فتعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، وتنزّه عن تعنتاتهم، وتقدّس عن اقتراحاتهم.وقد أخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال: إن هذا القرآن سيرفع، قيل: كيف يرفع وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في المصاحف؟ قال: يسري عليه في ليلة واحدة فلا يترك منه آية في قلب ولا مصحف إلاّ رفعت، فتصبحون وليس فيكم منه شيء، ثم قرأ {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بالذى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} وقد روي عنه هذا من طرق.وأخرج ابن عدّي عن أبي هريرة مرفوعًا نحوه.وأخرج محمد بن نصر عن عبد الله بن عمرو نحوه موقوفًا.وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن معاذ بن جبل مرفوعًا نحوه أيضًا.وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن أبي هريرة موقوفًا نحوه أيضًا.وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه، والديلمي عن حذيفة بن اليمان مرفوعًا نحوه أيضًا.وأخرج ابن مردويه عن جابر مرفوعًا نحوه أيضًا.وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن عمر مرفوعًا نحوه.وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمود بن شيخان ونعيمان بن آصي وبحري بن عمرو وسلام بن مشكم، فقالوا: أخبرنا يا محمد بهذا الذي جئت به أحق من عند الله، فإنا لا نراه متناسقًا كما تناسق التوراة؟ فقال لهم: «والله إنكم لتعرفونه أنه من عند الله» قالوا: إنا نجيئك بمثل ما تأتي به، فأنزل الله {قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن}، الآية.وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب، ورجلًا من بني عبد الدار، وأبا البحتري أخا بني أسيد والأسود بن عبد المطلب وربيعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيهًا ومنبها ابني الحجاج السهميين اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد وكلموه وخاصموه، وذكر حديثًا طويلًا يشتمل على ما سألوه عنه وتعنتوه، وأن ذلك كان سبب نزول قوله: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ} إلى قوله: {بَشَرًا رَّسُولًا}.وإسناده عند ابن جرير هكذا: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا يونس بن بكير، حدّثنا محمد بن إسحاق، حدّثني شيخ من أهل مصر، قدم منذ بضع وأربعين سنة، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره، ففيه هذا الرجل المجهول.وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ} قال: نزلت في أخي أمّ سلمة عبد الله بن أبي أمية.وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {يَنْبُوعًا} قال: عيونًا.وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي قال: الينبوع: هو النهر الذي يجري من العين.وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ} يقول: ضيعة.وأخرج ابن جرير عنه {كسفًا} قال: قطعًا.وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضًا {قَبِيلًا} قال: عيانًا.وأخرج ابن جرير عنه أيضًا {مّن زُخْرُفٍ} قال: من ذهب.وأخرج أبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري، وأبو نعيم عن مجاهد قال: لم أكن أحس ما الزخرف؟ حتى سمعتها في قراءة عبد الله {أو يكون لك بيت من ذهب}. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: {كِتَابًا نَّقْرَءهُ} قال: من ربّ العالمين إلى فلان ابن فلان. يصبح عند كل رجل صحيفة عند رأسه موضوعة يقرؤها. اهـ.
|